أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الإيجاب والقبول في العقود المدنية الإماراتية: أسس تشريعية وتطبيقات قضائية رفيعة المستوى

​الإيجاب والقبول في العقود المدنية الإماراتية: أسس تشريعية وتطبيقات قضائية رفيعة المستوى

​تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي أرست منظومة تشريعية متطورة، ارتكزت في بنائها على أصول الفقه الإسلامي ومبادئه، لتواكب في ذات الوقت أحدث النظم القانونية العالمية. وفي هذا السياق، يُشكل قانون المعاملات المدنية الإماراتي، الصادر بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1985 وتعديلاته، حجر الزاوية في تنظيم العلاقات التعاقدية بين الأفراد. ومن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن العقد لا ينهض ولا يترتب عليه أي أثر قانوني إلا باكتمال أركانه، وفي مقدمتها ركن التراضي، الذي يُعبّر عنه بـ الإيجاب والقبول.

​إن المبادئ القانونية قد استقرت على أن العقد شريعة المتعاقدين، وأن قوته الملزمة لا تنبع إلا من إرادتهم الحرة. ويُعد الإيجاب والقبول تجسيداً مادياً لهذه الإرادة، وهما الركن الجوهري الذي بدونه لا ينهض العقد ولا يترتب عليه أي التزام قانوني.

​يُعرّف العقد في الفقه القانوني الإماراتي بأنه ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بـ قبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه، ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر. وهذا التوافق في الإرادتين، أو ما يُسمى "التقاء الإيجاب بـ القبول"، هو الشرط الأساسي لنشوء العقد، مع مراعاة ما قد يُقرره القانون من أوضاع خاصة لانعقاده.

​إن الأساس القانوني لانعقاد العقد يتجلى في نص المادة (130) من قانون المعاملات المدنية، والتي تنص صراحةً على أن "العقد ينعقد بمجرد ارتباط الإيجاب بـ القبول". ولتحقيق هذا الارتباط، يجب أن يكون الإيجاب والقبول كل تعبير عن إرادة حرة وواضحة، وما صدر أولاً منهما يُعتبر إيجاباً، والثاني قبولاً. هذه المواد القانونية تؤكد على فكرة أن الإرادة الحرة للطرفين هي جوهر تشكيل أي عقد، مما يُعد حجر الزاوية لكل تعامل قانوني.

​إن هذا الإطار التشريعي ليس مجرد نصوص جامدة، بل هو منظومة متكاملة تستمد مرونتها وعمقها من أصولها الفقهية. فقد استند المشرع الإماراتي في صياغة قانون المعاملات المدنية إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وخاصةً ما استقر عليه مذهبا الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل. هذا الاستناد ليس مجرد إشارة بروتوكولية، بل هو أساس منهجي يُلزم القاضي بالرجوع إلى أصول الفقه الإسلامي لسد أي فراغ تشريعي أو لتفسير النصوص الغامضة. وهذا المنهج يخلق علاقةً سببيةً مباشرةً بين الفقه الإسلامي وتطور الفقه القضائي الإماراتي، ويجعل القانون منظومةً ديناميكيةً قادرةً على التكيف مع مختلف الوقائع والمستجدات، بما يُحقق العدالة في كل حالة.

​لكي يُنتج الإيجاب أثره القانوني، يجب أن يستوفي عدة شروط جوهرية:

  1. الجزمية والوضوح: يجب أن يكون الإيجاب باتاً وجازماً، لا يحتمل أي لبس أو غموض، وأن يشتمل على كافة العناصر الجوهرية لـ العقد. فإذا كان العرض مجرد دعوة للمفاوضة، فإنه لا يُعد إيجاباً ملزماً.


  1. الصلة بالقبول: يجب أن يبقى الإيجاب قائماً حتى يصدر القبول. ولهذا، فإن للموجب أن يعدل عن إيجابه قبل صدور القبول، ما لم يكن لـ الإيجاب مدة معينة. وإذا لم تكن لـ الإيجاب مدة محددة، فإن على الموجب إذا عدل عنه أن يُعلم من وُجه إليه الإيجاب بذلك، وإلا لزمه تعويضه عما لحقه من ضرر، باستثناء ما فاته من كسب متوقع.


​يُعد القبول تعبيراً عن موافقة المُوجَب له على الإيجاب الصادر إليه. ولكي يصح القبول، يجب أن يستوفي الشروط التالية:

  1. المطابقة التامة لـ الإيجاب: القاعدة الأساسية في القبول أنه يجب أن يكون مطابقاً تماماً لـ الإيجاب. أي أن القبول يجب أن يقبل الإيجاب بكافة شروطه دون أي إضافة أو تعديل.


  1. القبول المقترن بتعديل: إذا جاء القبول بما يزيد على الإيجاب، أو ينقص منه، أو يُعدل فيه بأية طريقة أخرى، فإنه يُعتبر رفضاً لـ الإيجاب الأصلي، وفي ذات الوقت، يُعد إيجاباً جديداً. هذا المبدأ يهدف إلى حماية إرادة الموجب من أي شروط لم يوافق عليها، ويُعد ضابطاً لضمان توافق الإرادتين وتطابقهما. فالعلاقة هنا واضحة: أي انحراف عن المطابقة يقطع سلسلة التراضي ويُؤسس لمفاوضة جديدة، مما يمنع نشوء التزام قانوني غير متفق عليه.


​إن القانون الإماراتي لم يُلزم المتعاقدين بصورة محددة للتعبير عن إرادتهما، بل اعتمد مقاربةً براغماتيةً تُركز على جوهر الإرادة ونية التعاقد، مما يُظهر تأثره الواضح بالمرجعية الفقهية التي تميل إلى تحقيق العدالة على حساب التمسك الشكلي بالنصوص إذا كان السلوك يدل على نية واضحة للتعاقد.

​يُمكن أن يكون التعبير عن الإرادة صريحاً أو ضمنياً، وذلك بكل ما يدل على الإرادة.

  • التعبير الصريح:
    • باللفظ أو الكتابة: وفقاً للمادة (133) من قانون المعاملات المدنية، يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة باللفظ أو بالكتابة، سواء بصيغة الماضي (كقول: "بعت واشتريت") أو بصيغة المضارع أو الأمر إذا أُريد بهما الحال (كقول: "أبيعك هذه السلعة فاقبلها").


  • التعبير الضمني:
    • الإشارة والمعاطاة: يُمكن أن يكون التعبير عن الإرادة بالإشارة المعهودة عرفاً، أو بالمعاطاة (أي المبادلة الفعلية الدالة على التراضي)، أو باتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي. فعلى سبيل المثال، يُعد صعود الراكب إلى واسطة النقل قبولاً لـ الإيجاب الصادر من الناقل.


​يُفرق القانون الإماراتي بين الإيجاب الموجّه لعامة الناس وبين مجرد الدعوة إلى التعاقد:

  • عرض البضائع والخدمات: يُعتبر عرض البضائع والخدمات مع بيان ثمنها إيجاباً، إلا إذا قامت دلائل تُفيد خلاف ذلك. أما النشر والإعلان وبيان الأسعار، فلا يُعد عند الشك إيجاباً، وإنما يكون دعوة إلى التعاقد. هذا التمييز يضع حداً للالتزام القانوني، ويُبين أن الإيجاب الملزم هو الذي يتضمن كافة العناصر الجوهرية لـ العقد.


  • قاعدة السكوت: الأصل العام في القانون الإماراتي، المستمد من الفقه الإسلامي، هو أن "لا يُنسب إلى ساكت قول". وهذا يعني أن السكوت لا يُعد قبولاً. ولكن، لهذا الأصل استثناءات هامة تُعالج حالات خاصة حيث يُعتبر السكوت قبولاً. ويشمل ذلك الحالات الآتية:
    • ​إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين يُعطي السكوت معنى القبول.
    • ​إذا وجدت قرينة تدل على أن السكوت يُراد به القبول.
    • ​إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل.
    • ​إذا كان الإيجاب لمحض منفعة المُوجَب له.

    ​هذه الاستثناءات تؤكد أن القانون الإماراتي لا يتعامل مع السكوت كفراغ قانوني، بل كفعل إرادي له دلالته في سياقات محددة. فـ السكوت في هذه الحالات يُعد قبولاً لوجود علاقة سابقة أو منفعة، مما يفرض على الساكت مسؤولية إبداء الرفض إذا كان لا يرغب بـ التعاقد، وهذا يُبرز حماية القانون للثقة المشروعة في المعاملات.

    ​إن القانون الإماراتي لم يقتصر في تنظيم أحكام الإيجاب والقبول على المعاملات التقليدية، بل واكب التطورات الحديثة، خاصة في التعاقد عن بعد والعقود ذات الطبيعة الخاصة، مما يُعزز مكانته كتشريع عصري وفاعل.

    ​يُفرق القانون الإماراتي في أحكامه بين التعاقد بين الحاضرين و التعاقد بين الغائبين. فإذا كان المتعاقدان حاضرين في مكان واحد، أو في مكانين مختلفين عبر وسائل الاتصال المباشرة، يُعد العقد قد تم في الزمان والمكان اللذين صدر فيهما القبول. أما إذا كان المتعاقدان غائبين، فقد تبنى القانون نظرية "العلم بـ القبول"، حيث يُعد العقد قد تم في الزمان والمكان اللذين علم فيهما الموجب بـ القبول. وهذه النظرية تؤسس أن العقد لا يُصبح ملزماً للموجب إلا عندما يصل القبول إلى علمه، مما يحميه من التزامات لا علم له بها، ويُحقق التوازن في العلاقة التعاقدية.

    ​بمواكبة التطورات التقنية، استقرت أحكام محاكم التمييز في الدولة على أن الإيجاب والقبول يمكن استخلاصهما من المحررات الإلكترونية، مثل رسائل البريد الإلكتروني. وقد أكدت المحكمة على أن القاضي يتمتع بسلطة استخلاص الإيجاب والقبول من تلك الرسائل والوسائل الإلكترونية دون الحاجة إلى أن تكون مفرغة كتابياً في ورقة موقعة، ما عدا في حالة وجود توقيع إلكتروني معتمد.

    ​كما أكدت المحكمة على أن مجرد جحد الخصم للمستخرجات الإلكترونية لا يُفقدها حجيتها في الإثبات، طالما أن المحكمة قد تأكدت من صحة تبادلها ونسبتها للطرفين. هذا التطور القضائي يُعد ريادةً في مواكبة التقنية، حيث يُظهر أن القضاء الإماراتي قد تجاوز الشكلية الورقية، وأعطى وزناً أكبر للمحتوى والدلالة القانونية في المعاملات الإلكترونية، وهو ما يعكس مرونة التشريع وفاعليته.

    ​يُخضع المشرع الإماراتي بعض العقود ذات الطبيعة الخاصة لأحكام مغايرة للقواعد العامة، بما يتلاءم مع خصوصية كل عقد:

    • عقود الإذعان: هي العقود التي يضع الموجب شروطها دون مناقشة، مثل عقود الخدمات العامة (الكهرباء، الماء، الاتصالات). في هذه العقود، يقتصر قبول الطرف الآخر على مجرد التسليم بالشروط الموضوعة. ولحماية الطرف الضعيف، يمنح القانون للقاضي سلطة تعديل الشروط التعسفية أو الإعفاء منها.

    • التعاقد بـ المناقصات والمزايدات: في العقود التي تتم عن طريق المناقصة، يُعد العرض الذي يقدمه المشترك إيجاباً. أما القبول، فيصدر من الجهة صاحبة المناقصة، وبهذا القبول ينعقد العقد. هذا يُخالف الأصل في المزايدات، حيث يكون العطاء هو الإيجاب، ورسو المزايدة هو القبول.

    ​إن هذه الحالات تُظهر أن القانون الإماراتي يتكيف مع طبيعة المعاملات المختلفة. فـ القواعد العامة ليست مطلقة، بل تخضع لخصوصية كل عقد، وهو ما يؤكد مرونة التشريع وفاعليته في تنظيم الحياة التجارية والمدنية.

    ​إن الإيجاب والقبول، رغم كونهما حجر الزاوية في العقد، إلا أنهما قد يعتريهما بعض العوارض التي تؤثر على صحتهما أو وجودهما، مما قد يؤدي إلى سقوط الإيجاب أو بطلان العقد برمته.

    ​يُسقط القانون الإماراتي الإيجاب في عدة حالات محددة، مما يمنع انعقاد العقد:

    • العدول عن الإيجاب: يسقط الإيجاب إذا عدل عنه الموجب قبل صدور القبول، ما لم يكن لـ الإيجاب مدة معينة.

    • الرفض: يسقط الإيجاب إذا رفضه من وُجه إليه صراحةً أو ضمناً. وأي تعديل يتضمنه القبول يُعد رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً.

    • فقدان الأهلية أو الوفاة: يسقط الإيجاب إذا مات الموجب أو من وُجه إليه الإيجاب، أو فقد أحدهما أهليته قبل صدور القبول، حتى لو كانت لـ الإيجاب مدة معينة.

    • انقضاء المدة: يسقط الإيجاب إذا لم يتصل القبول به عرفاً، أو انقضت المدة التي عينها الموجب لـ القبول دون صدوره.

    ​يُعد القبول بعد سقوط الإيجاب غير منتج لأثره، فهو لا يُنشئ العقد. بل يُعتبر القبول الذي يأتي بعد سقوط الإيجاب إيجاباً جديداً، يحتاج بدوره إلى قبول لكي ينعقد العقد.

    ​في الممارسة القضائية، يُعد الدفع ببطلان العقد لعدم توافر أركانه، وخاصة ركن التراضي، من أقوى الدفوع القانونية. وتُثار دعوى البطلان في عدة حالات منها:

    • انعدام الإيجاب أو القبول: إذا لم يتوافر أحد التعبيرين عن الإرادة، أو كانا غير جازمين أو غير متطابقين.
    • انعدام الأهلية: إذا كان أحد المتعاقدين فاقداً للأهلية (كالمجنون)، فإن عقده يُعتبر باطلاً.

    • عيوب الرضا: إذا شاب إرادة أحد المتعاقدين عيب من عيوب الرضا كـ الغلط، أو التغرير (الغش).

    ​تُعد دعوى بطلان العقد دعوى موضوعية، تنظر المحكمة فيها في صلب العقد وأركانه، ويكون للقاضي سلطة الحكم ببطلان العقد من تلقاء نفسه إذا كان البطلان متعلقاً بـ النظام العام.

    ​وفيما يلي نموذج لمذكرة دفاع قضائية تُبين كيفية استخدام هذه الدفوع:

    ​نموذج لمذكرة دفاع في دعوى بطلان عقد

    محكمة دبي الابتدائية

    الدائرة التجارية

    مذكرة دفاع مقدمة في الدعوى رقم (......) لسنة (....)

    مقدمة من: السيد/ [اسم المدعى عليه] (مدعى عليه)

    ضد: السيد/ [اسم المدعي] (مدعي)

    الوقائع:

    أقام المدعي دعواه الماثلة بطلب إلزام موكلي بتنفيذ عقد بيع مؤرخ في (....)، وقد استند في دعواه على أن العقد قد استوفى كافة شروطه وأركانه.

    الدفوع القانونية:

    نلتمس من المحكمة الموقرة الحكم ببطلان العقد موضوع الدعوى للأسباب التالية:

    1. انعدام الإيجاب الصحيح:

    لم يصدر عن موكلي أي إيجاب بات يدل على نية التعاقد، وإنما كانت مجرد مفاوضات أولية لم ترق إلى مستوى العرض النهائي. ووفقاً لأحكام المادة (134) من قانون المعاملات المدنية، فإن "النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها... لا يعتبر عند الشك إيجاباً وإنما يكون دعوة إلى التعاقد". وإذ لم يقم المدعي بتقديم ما يثبت صدور إيجاب مكتمل العناصر من موكلي، فإن ركن الإيجاب الصحيح قد انعدم.

    2. انعدام القبول المطابق:

    وعلى فرض وجود إيجاب، فإن القبول المزعوم من المدعي لم يكن مطابقاً له. فقد قام المدعي بإضافة شروط جديدة على العقد، وهو ما يُعتبر وفقاً للمادة (140) من قانون المعاملات المدنية "رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً". وإذ لم يقبل موكلي هذا الإيجاب الجديد، فإن العقد لم ينعقد أصلاً لانعدام ركن التراضي.

    الطلبــات:

    بناءً على ما تقدم، نلتمس من المحكمة الموقرة:

    1. ​الحكم ببطلان العقد موضوع الدعوى لعدم توافر ركن التراضي.
    2. ​إلزام المدعي بـ المصروفات وأتعاب المحاماة.

    ​إن هذه الدفوع القانونية تُظهر أن العلاقة بين نظرية الإيجاب والقبول وتطبيقاتها في ساحات القضاء وثيقة، حيث يُبرز المحامي الخلل في ركن التراضي ليُسقط العقد بأكمله، وهو ما يؤكد أن القوانين ليست مجرد نصوص، بل هي استراتيجيات تُستخدم لتحقيق العدالة.

    ​إن أحكام محاكم التمييز في الدولة، سواء محكمة التمييز في دبي أو المحكمة الاتحادية العليا، قد أرست مبادئ قضائية راسخة تُفسر وتُطبق أحكام الإيجاب والقبول في مختلف أنواع العقود.

    • العقود الرضائية: استقرت أحكام محكمة التمييز على أن العقود الرضائية، كـ عقد البيع، لا تستلزم الكتابة كشرط لانعقادها، وإنما تتم بمجرد توافق الإيجاب والقبول. فكتابة العقد لا تُعتبر شكلاً لانعقاده، بل تتم لغرض توثيق حقوق والتزامات الطرفين في حالة حدوث خلاف.

    • العقود التجارية: في قضايا عقود المقاولات، قضت محكمة تمييز دبي بأن مجرد الإحالة في عقد إلى وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم (مثل عقود الفيديك)، يُعد اتفاق تحكيم صحيحاً وملزماً. وهذا يُؤكد أن القضاء الإماراتي يعتبر أن الإرادة الضمنية التي لا تدع مجالاً للشك لها أثر قانوني بالغ، ويُعطيها ذات الحجية التي تتمتع بها الإرادة الصريحة.

    • مبدأ القبول المشروط: أكدت محاكم التمييز باستمرار على أن القبول الذي يُقيد الإيجاب أو يُعدل فيه، لا يُنشئ العقد بل يُعد إيجاباً جديداً.

    ​الخاتمة والتوصيات

    ​يُعد الإيجاب والقبول في القانون المدني الإماراتي أكثر من مجرد مبدأ نظري، بل هو نظام متكامل يجمع في جوهره بين الجذور الفقهية المرنة والضوابط القانونية الواضحة التي تكفل حماية الإرادة الحرة للمتعاقدين. وقد أثبت القضاء الإماراتي، من خلال أحكامه الرفيعة، قدرةً فائقةً على تفسير وتطبيق هذه الأحكام بما يتلاءم مع متطلبات الحياة المدنية والتجارية المتسارعة، سواء في المعاملات التقليدية أو في العقود الحديثة كالتي تتم عبر الوسائل الإلكترونية.

    ​التوصيات العملية

    ​بناءً على ما تقدم، يمكن تقديم التوصيات التالية للمتعاملين والممارسين القانونيين في دولة الإمارات:

    • للمتعاقدين: يُنصح دائماً بتوثيق الإيجاب والقبول بشكل واضح وصريح، سواء بالكتابة أو بالوسائل الإلكترونية المعتمدة، لضمان حقوقهم وتجنب أي نزاعات محتملة. وينبغي أن تكون شروط العقد واضحة وغير مبهمة.

    • للممارسين القانونيين: من الضروري الفهم العميق للروابط بين النصوص القانونية والأصول الفقهية وأحكام القضاء، حيث إن هذا الفهم يُعزز من قدرة المحامي على تقديم دفوع قانونية متينة، مبنية على أساس قانوني سليم. إن التطور السريع في أشكال التعاقد يتطلب من المحامي أن يكون على دراية دائمة بأحدث أحكام محاكم التمييز لتقديم أفضل استشارة أو دفاع ممكن.

    • الرؤية المستقبلية: مع التطور المستمر في التقنيات الرقمية، يُتوقع أن يستمر القضاء الإماراتي في إرساء مبادئ جديدة تتواءم مع أشكال التعاقد المستجدة، وهذا ما يتطلب من الفقه القانوني أن يبقى يقظاً ومواكباً لهذه التطورات لتقديم حلول قانونية مبتكرة وفعالة. إن منظومة الإيجاب والقبول في الإمارات تُعد نموذجاً يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويحقق التوازن الدقيق بين حرية التعاقد وحماية الحقوق.

📌 نقاط مهمّة معلومة

💡 معلومة: نصيحة قانونية عامة لا تغني عن الاستشارة.
⚠️ تحذير: راجع مصدر الحكم قبل الاستناد إليه، وتأكد من سريان النص وعدم تعديله.
خلاصة: اتبع الإجراءات المكتوبة ودوّن كل خطوة والمستندات المؤيّدة.

⚖️ إخلاء مسؤولية هام

المحتوى الوارد بالمقال لأغراض تثقيفية عامة ولا يُعدّ استشارة قانونية. استخدامك لهذه المعلومات دون الرجوع إلى مختص يقع على مسؤوليتك وحدك. القوانين والأحكام قد تتغيّر أو تختلف باختلاف الوقائع.

  • ننصحك بالحصول على رأي قانوني مكتوب يناسب حالتك قبل اتخاذ أي إجراء.
  • لا يتحمّل الكاتب/المدونة أي مسؤولية عن أي نتائج ناتجة عن التطبيق الخاطئ للمعلومات.
إعــلان

📣 ضع بيانات مؤسستك القانونية هنا

تواصل معنا – أدخل تفاصيل منشأتك القانونية بأسلوب احترافي:

  • 🏢 الاسم التجاري: [اسم المؤسسة القانونية]
  • 🪪 رقم الترخيص/القيد: [رقم الترخيص]
  • 📍 العنوان: [الإمارة – المنطقة – وصف مختصر]
  • 🕘 ساعات العمل: [من–إلى] (الأحد–الخميس)
  • 📞 هاتف: +971XXXXXXXXX
  • 💬 واتساب: wa.me/971XXXXXXXXX
  • ✉️ بريد إلكتروني: info@example.com
  • 🌐 موقع إلكتروني: example.com

🏢 نبراس القانون – خدمات واستشارات قانونية

مدونة نبراس القانون – موسوعه القانون الامارتي
مقالات قانونيه محرره من قبل كبار المستشارين والقضاه لتكون موسوعه قانونية امارتيه احترافيه

✍️ خدمات الصياغة القانونية الشاملة للمؤسسات

ويّاكم على الدوام. نقدّم لكم في مدونة نبراس القانون خدمات صياغة قانونية متكاملة للمؤسسات والكيانات المهنية، بصياغة دقيقة تراعي التشريعات الإماراتية وأفضل الممارسات. نكتب لكم بلُغة قانونية رصينة، واضحة، وتخدم غرضكم التشغيلي والتنظيمي.

  • صياغة العقود والاتفاقيات بجميع أنواعها.
  • مذكرات قانونية ولوائح داخلية وسياسات امتثال.
  • نماذج وإجراءات عمل موحّدة (SOPs) متوافقة مع اللوائح.
  • تدقيق نصوص، وإعادة هيكلة وثائق لضمان الاتساق والصلاحية.
>
.
تعليقات